السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأربعاء، 22 أكتوبر 2014

كشكول ٤٧: لا تشغل نفسك بالرد على كل من يخالفك



يا مسلم: 
لا تشغل نفسك بالرد على كل من يخالفك.

كثيراً ما تأتيني أسئلة: «كيف نرد على من قال كذا؟ كيف نرد على من لم ير كذا؟»

يا أخي، لماذا تهتم بهذا؟! 

أوصل الأمر إلى أهل العلم أنه حصل كذا وصار كذا، وأهل العلم الذين يقررون الرد، ويقومون به بما يفتح الله عليهم.

- اقبل على شأنك،
- وتعلم العلم الواجب عليك تعلمه؛ لتقيم أمر دينك في عبادتك لربك، يومك، وليلتك... وتوكل على الله، وإياك وبنيات الطريق.

لماذا تريد أن لا يوجد أحد يخالفك؟

الأنبياء كان لهم من يخالفهم. 
بل بعضهم يأتي يوم القيامة وليس معه إلا الرجل، وبعضهم يأتي وليس معه أحد.

يا مسلم، أما سمعت قول الله عن إبراهيم -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام-: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}. (النحل:   ١٢٠). كن كإبراهيم -عليه الصلاة والسلام- أمة قانتا.


-والله يرعاك، ومن كل سوء وقاك-.

كشكول ٤٦: بيان بشأن تعليقات الإخوة على صفحة الشيخ في (الفيس بوك)



تعليقات الإخوة على صفحتي أنواع:

- منها تعليقات تشجع وتدفع إلى الأمام؛ فجزاهم الله خيراً على حسن ظنهم وأخذهم بيد أخيهم، فالمرء كثير بإخوانه.

- ومنها تعليقات تثري الموضوع؛ فتورد الأدلة، والبراهين المؤيدة له؛ فيرتبط المنشور بالتعليقات عليه كثيراً؛ فلهؤلاء شكري، وتقديري وجزاهم الله خيراً.

- ومنها تعليقات مثل ما يقول بعض الأخوة: «خارج النص». المنشور في جهة والتعليق في جهة. فأحياناً فتوى، وأحياناً سؤال عام، وأحيانًا، وأحياناً...

- ومنها تعليقات تسترشد لفهم المنشور، بل قد تكون سببًا في إصلاح عبارة، أو لفظة فيه، أو حتى تعديله بصورة أقرب؛ فجزاهم الله خير الجزاء.

- ومنها تعليقات تنبه على خطأ لغوي، أو إملائي، أو فكرة؛ فجزاهم الله على ذلك، فكم صححت، وعدلت.

- ومنها تعليقات تضرب في وجه المنشور، فهذه أنظر فيها: فإن شعرت أن فيها شبهة أو إشكالاً، وضحته وبينته، وأحاول حمل نفسي على تحسين الظن، والمساعدة في الخير وأقول: لعله خير.

- ومنها تعليقات تهدد، وتتوعد، ولا تفيد شيئاً؛ فأحذفها.

وفي كل هذه التعليقات أنا المستفيد، والصفحة تنتعش، بل وتتضح لي الرؤية في بعض الأمور، وأنتبه لبعض المسائل والموضوعات، ولا أملك إلا أن أسجل إعجابي، وشكري للجميع؛ فجزاهم الله خيراً وأحسن الله إليهم.

وخاصة على تحملهم حرصي على إعادة ما كتب في حسابي، مما يحتاج إلى نشر أكثر من منشور في اليوم، ولكن يواسيني شعوري أن هناك من لم يطلع عليه لما نشر في الحساب سابقاً.

وأهمس في أذنك: لست مفتيًا، ولا وظيفتي الإفتاء، والصفحة ليست للفتوى، بل للتواصل مع السلفيين، والمشاركة في الموضوعات، والمذاكرات العلمية، وأجيب أحياناً على بعض الأسئلة تبرعاً، وأخشى الخطأ، والقول على الله بدون علم، فارحم أخاك -رحمك الله-.


والله الموفق.

كشكول ٤٥: أنت وحدك بداية التغيير، أقيموا دولة الإسلام على قلوبكم تقم لكم على أرضكم


أنت... وحدك... نعم، أنت... أنت بداية التغيير.

الخطوة الأولى فيه تبدأ من نفسك، وأقيموا دولة الإسلام على قلوبكم تقم لكم على أرضكم.
- ابدأ بنفسك، فأدناك، ثم أدناك،
- اصبر،
- ولا تتعجل،
- وأحسن الظن بالله،
- وأقم شرع الله على نفسك، وأهلك، ومن تعول،
- وأبشر، {والعاقبة للمتقين}.

حينما أنظر إلى الأحداث التي تجري، أتمنى لو أملك أن أقول لكل مشارك فيها: اتق الله، ولا تجر نفسك والأمة إلى التهلكة. إنك تمشي في طريق الهاوية، وأنت تظنه طريق الخلاص. 
خلاصك الوحيد: هو بالرجوع إلى الله، والصبر على مقادير الله.

لو رجع كل إنسان إلى نفسه، وأصلحها، صلح الكون من حوله، ولن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم...

كشكول ٤٤: فوبيا الإسلام (المتنورون، القادمون، الحكومة العالمية)


كثر في هذه الأيام الحديث عن: (القادمون) و(المتنورون) و(الصهيونية، والحكومة العالمية) وخطط (الماسونية)، بطريقة تجعل المسلم يرتاب؛
فإن الملاحظ أن هذه الطروحات مهما تعددت وتنوعت أساليبها تشبه بالونات الاختبار التي تهيئ الناس إلى تقبل الأمر والاستسلام له، وذلك؛ لأنها فيها الأمور التالية:
١- خلت من بيان موقف المسلم الصحيح منها.
٢- اشتملت في جملتها على تهويلات ومبالغات مبنية على دعوى، لا على دليل.
٣-  تضمنت في جملتها مخالفات في تفسير بعض النصوص الشرعية.
٤- تعتبر هذه الموضوعات دعاية مضادة لما أخبر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أن المستقبل لهذا الدين، فهي تبشر بأن المستقبل للحكومة العالمية التي تمهد لحكومة الدجال! ويقصد من ذلك -والله أعلم- بث الضعف والتخاذل والاستسلام في نفوس المسلمين.
٥- تضمنت هذه الموضوعات: الطعن، والتشويه، في بعض الحكومات الإسلامية و(خاصة السعودية)، مما يشعر بأن لهذه البرامج أهدافاً خبيثة بجر المجتمعات الإسلامية إلى فوضى وخروج على الأئمة. 

والذي أريد بيانه ( هنا )

شبهة والرد عليها ٢١: الجهاد ماض إلى يوم القيامة، في حال قوة المسلمين وفي حال ضعفهم



شبهة:
«إذا اشترطتم إذن الإمام، والحكام لم يأذنوا سقط الجهاد، والأصل أن فرض الجهاد باق إلى يوم القيامة، والمخاطب به المؤمنون؛ ولا يسقط عنها الفرض بحال، ولا عن جميع الطوائف لحديث: «لا تزال طائفة...».».

وللرد على هذه الشبهة أقول:
الجهاد ماض إلى يوم القيامة، في حال قوة المسلمين وفي حال ضعفهم؛
- فهو: بالسنان في حال قوتهم.
- وهو: بالحجة والبرهان باللسان، أو بالقلب في حال ضعفهم.
وهذا معنى ما جاء عن مُعَاوِيَة بْنَ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ. وَلَا تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»().
وعن عَبْد الرَّحْمَن بْنُ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيُّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مَسْلَمَةَ بْنِ مُخَلَّدٍ وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ الْخَلْقِ، هُمْ شَرٌّ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، لَا يَدْعُونَ اللَّهَ بِشَيْءٍ إِلَّا رَدَّهُ عَلَيْهِمْ». فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ فَقَالَ لَهُ مَسْلَمَةُ: «يَا عُقْبَةُ اسْمَعْ مَا يَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ» فَقَالَ عُقْبَةُ: «هُوَ أَعْلَمُ، وَأَمَّا أَنَا فَسَمِعْتُ -رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لَا تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ قَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِمْ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى تَأْتِيَهُمْ السَّاعَةُ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ».
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «أَجَلْ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا كَرِيحِ الْمِسْكِ، مَسُّهَا مَسُّ الْحَرِيرِ، فَلَا تَتْرُكُ نَفْسًا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ الْإِيمَانِ إِلَّا قَبَضَتْهُ، ثُمَّ يَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ عَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ»().
فمعنى هذين الحديثين: استمرار الجهاد في كل زمان، وأن المسلمين لا ينقطعون عنه إلى أن تهب هذه الريح الطيبة.
مع ملاحظة، أن: المراد بالجهاد الجهاد بجميع أنواعه، فهو جهاد بالسنان عند القدرة والقوة، وهو جهاد باللسان بالحجة والبرهان، أو بالقلب عند ضعف القوة والقدرة.

وقد جاء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ -رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ؛
- فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ.
- وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ.
- وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ.
وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ».
وفي رواية: «مَا كَانَ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ كَانَ لَهُ حَوَارِيُّونَ يَهْتَدُونَ بِهَدْيِهِ وَيَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِهِ»().
والشاهد أنه سمى الجهاد: باليد، وباللسان، وبالقلب.
ومن ذلك أنه جعل تحديث النفس بالغزو مما يدفع نفاق القلب من جهة ترك الجهاد، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ، مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ»(). َعَنْ أَنَسٍ أَنَّ اَلنَّبِيَّ قَالَ: «جَاهِدُوا اَلْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَأَنْفُسِكُمْ، وَأَلْسِنَتِكُمْ»  (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ().).

وجاء في النصوص الشرعية ذكر الجهاد بالنفس والمال؛ فالجهاد ماض بجميع صورة، إن تخلف المسلمون عنه بصورة لا يلزم تخلفهم عنه بالصورة الأخرى، وإن عجزوا عن الجهاد بالسيف في حال، لم يعجزوا عن الجهاد بالقلم واللسان في غيره، أو الجهاد بالمال في حال آخر! 
فإن قيل: «ما توجيه لفظ "يقاتلون" في الحديث؟»
فالجواب: ذكر هذا اللفظ؛ لأن الجهاد به هو أظهر ما يكون، فنص عليه.
ومن تراجم البخاري في صحيحه في (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة)، «بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ يُقَاتِلُونَ. وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ»؛
فانظر كيف فسر هذه الطائفة بأنهم أهل العلم، مع ذكره لوصفهم في الحديث بأنهم: «يقاتلون». 

وفي شرح النووي (ت٦٧٦هـ) على صحيح مسلم، عند تفسيره للمراد من هذه الطائفة: «وَقَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل: إِنْ لَمْ يَكُونُوا أَهْل الْحَدِيث فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ؟». قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: «إِنَّمَا أَرَادَ أَحْمَد أَهْل السُّنَّة وَالْجَمَاعَة، وَمَنْ يَعْتَقِد مَذْهَب أَهْل الْحَدِيث».
قُلْت [النووي]: «وَيَحْتَمِل أَنَّ هَذِهِ الطَّائِفَة مُفَرَّقَة بَيْن أَنْوَاع الْمُؤْمِنِينَ، مِنْهُمْ شُجْعَان مُقَاتِلُونَ، وَمِنْهُمْ فُقَهَاء، وَمِنْهُمْ مُحَدِّثُونَ، وَمِنْهُمْ زُهَّاد، وَآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَاهُونَ عَنْ الْمُنْكَر، وَمِنْهُمْ أَهْل أَنْوَاع أُخْرَى مِنْ الْخَيْر، وَلَا يَلْزَم أَنْ يَكُونُوا مُجْتَمَعِينَ، بَلْ قَدْ يَكُونُونَ مُتَفَرِّقِينَ فِي أَقْطَار الْأَرْض.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث مُعْجِزَة ظَاهِرَة؛ فَإِنَّ هَذَا الْوَصْف مَا زَالَ -بِحَمْدِ اللَّه تَعَالَى- مِنْ زَمَن النَّبِيّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْآن، وَلَا يَزَال حَتَّى يَأْتِي أَمْر اللَّه الْمَذْكُور فِي الْحَدِيث» اهـ().

ومما ينبغي أن يُعلم أن جهاد النفس مطلوب من المسلم في كل حين، وهو مقدم على أنواع الجهاد الخمسة السابقة، فقد جاء عن فضالة بن عبيد قال: رسول الله في حجة الوداع: «ألا أخبركم بالمؤمن: من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب» ().

فعلى المسلم أن يبدأ بجهاد نفسه على طاعة الله، قبل أي شيء، وجهاده هذا مقدّم على تلك الأنواع.

هل تعلم ٥: تعريف الحديث الصحيح الذي ذكره ابن الصلاح


هل تعلم:

أن تعريف الحديث الصحيح الذي ذكره ابن الصلاح، هو التعريف الذي لا خلاف عليه عندهم. وأن هناك تعاريف أخرى للصحيح غير هذا الذي ذكره ابن الصلاح لم يتفقوا عليها.

هل تعلم ٤: القراءة الشاذة تطلق عند علماء التفسير، والقراءات، وعلوم القرآن، بثلاثة إطلاقات


هل تعلم:

أن القراءة الشاذة تطلق عند علماء التفسير، والقراءات، وعلوم القرآن، بثلاثة إطلاقات:

الإطلاق الأول: ما صح سندها، وخالفت رسم المصحف. ويسميها علماء التفسير (القراءة التفسيرية).

الإطلاق الثاني: التي لم يصح سندها. ويسميها علماء القراءات أيضًا بـ (القراءة الباطلة).


الإطلاق الثالث: ما زاد عن السبعة. وهو مصطلح ابن جني في كتابه (المحتسب في توجيه القراءات الشاذة).

هل تعلم ٣: الاختلاف على الراوي ينتج عشرة أنواع حديثية



هل تعلم:

أن الاختلاف على الراوي ينتج عشرة أنواع حديثية، وهي التالية:

- الشاذ، ويقابله المحفوظ.

- المنكر، ويقابله المعروف.

- المقلوب.

- المضطرب.

- زيادة الثقة.

- المزيد في متصل الأسانيد.

- المصحف.

- المحرف.

شبهة والرد عليها ٢٠: توضيح قول الشيخ عبدالرحمن بن حسن بشأن اشتراط إذن الإمام في الجهاد



شبهة:
«كيف تشترطون إذن الإمام في الجهاد، وهذا الشيخ عبدالرحمن بن حسن من أئمة الدعوة يقول في (الدرر السنية في الأجوبة النجدية) (٨/ ٢٠٢-٢٠٣): «ولا ريب أن فرض الجهاد باق إلى يوم القيامة، والمخاطب به المؤمنون؛ فإذا كان هناك طائفة مجتمعة لها منعة، وجب عليها أن تجاهد في سبيل الله بما تقدر عليه، لا يسقط عنها فرضه بحال، ولا عن جميع الطوائف، لما ذكرت من الآيات. وقد تقدم الحديث: «لا تزال طائفة...» الحديث؛ فليس في الكتاب والسنة ما يدل على أن الجهاد يسقط في حال دون حال، ولا يجب على أحد دون أحد، إلا ما استثنى في سورة براءة. وتأمل قوله: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ...} (سورة الحج، آية: ٤٠)، وقوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} الآية (سورة المائدة، آية: ٥٦)؛ وكل يفيد العموم بلا تخصيص. فأين تذهب عقولكم عن هذا القرآن؟
وقد عرفت مما تقدم: أن خطاب الله تعالى يتعلق بكل مكلف، من الأولين والآخرين، وأن في القرآن خطاباً ببعض الشرائع، خرج مخرج الخصوص وأريد به العموم، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} الآية (سورة التوبة، آية: ٧٣)، وقد تقدم ما يشير إلى هذا بحمد الله، وذلك معلوم عند العلماء، بل عند كل من له ممارسة في العلم والأحكام، فلهذا اقتصرنا على هذا القول، وبالله التوفيق» اهـ.».

أقول:
استدل بعض الناس بكلام هذا الإمام في منع اشتراط إذن ولي الأمر؛ وهذا لا يصح وذلك لما يلي:
- الإمام عبدالرحمن بن حسن -رحمه الله- يرد في كلامه على ابن نبهان الذي يزعم أنه لا جهاد إلا مع إمام، فإذا لم يوجد إمام فلا جهاد، فيلزم على هذا أن ما يلزم بترك الجهاد من مخالفة دين الله وطاعته جائز، بجواز ترك الجهاد، فتكون الموالاة للمشركين (انظر (الدرر السنية في الأجوبة النجدية)، (١٦٧/٨)). 
- فالإمام يقرر أنه إذا لم يكن هناك إمام فالجهاد لا يسقط، وأن محل اشتراط إذن الإمام في الجهاد هو إذا وجد الإمام.
- ولذلك قال عقب الكلام السابق مباشرة في ((الدرر السنية في الأجوبة النجدية)، (٢٠٣/٨)): «ثم بعد الفراغ، أظهر الله إماماً يجاهد في سبيل الله، ويدعوهم إلى الإسلام والاجتماع عليه، فتمت النعمة علينا، وعلى أهل نواحينا، بما أعطانا من النصر، وذهاب الشرك والمشركين، والفساد والمفسدين. نسأل الله أن يوزعنا شكر ما أنعم به علينا، من نعمة الإسلام، والله ولي حميد» اهـ.
- والأصل عنده هو الجهاد من وراء إمام، وأنه لا بد من إذنه إذا وجد، فهو يقول في موضع آخر: ((الدرر السنية في الأجوبة النجدية) (٩/ ٩٥-٩٦): «ورأينا أمرًا يوجب الخلل على أهل الإسلام، ودخول التفرق في دولتهم، وهو: الاستبداد من دون إمامهم، بزعمهم أنه بنية الجهاد، ولم يعلموا أن حقيقة الجهاد ومصالحة العدو، وبذل الذمة للعامة، وإقامة الحدود، أنها مختصة بالإمام، ومتعلقة به، ولا لأحد من الرعية دخل في ذلك، إلا بولايته؛ وقد سئل -صلى الله عليه وسلم- عن الجهاد، فأخبر بشروطه بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «من أنفق الكريمة، وأطاع الإمام، وياسر الشريك، فهو المجاهد في سبيل الله». والذي يعقد له راية، ويمضي في أمر من دون إذن الإمام ونيابته، فلا هو من أهل الجهاد في سبيل الله» اهـ.
- وعليه فلا محل للاستدلال بكلام هذا الإمام على تقرير وجوب الجهاد بدون إمام مطلقاً، بل الأصل أن لا جهاد إلا من وراء إمام.

والله أعلم.

سؤال وجواب ١٩: تفسير القرآن بما يسمى بـ (التفسير العلمي) أو (الحقائق العلمية) أو (الإعجاز العلمي)



سؤال بالنسبة للمنشور السابق:
«ذكرت أنه لا يجوز تفسير القرآن بغير ما جاء عن الصحابة والتابعين، فمن تأوله على غير ذلك فهو مفتر على الله ملحد في آيات الله، كما نقلته عن ابن تيمية، فهل تفسير القرآن اليوم بالحقائق العلمية يدخل تحت هذا التحذير؟ وأيضًا بما يسمى بتفسير الأعداد؟»


الجواب:

تفسير القرآن بما يسمى بـ (التفسير العلمي) أو (الحقائق العلمية) أو (الإعجاز العلمي) هو من باب التفسير بالرأي، والتفسير بالرأي لا يقبل إلا إذا توفرت فيه شروط قبوله، وهي التالية:

الشرط الأول: أن لا يخالف التفسير بالمأثور مخالفة تضاد. فيكون المعنى الذي يذكر فيه غير مخالف لمعنى الآية الوارد عن الصحابة والتابعين مخالفة تضاد، فهو يدخل فيه ولا يعارضه.

الشرط الثاني: أن يكون المعنى المذكور غير مخالف لمعاني ألفاظ الآيات بحسب لغة العرب. فلا يصح أن يفسر ألفاظ الآية بمعاني تخرج اللفظ عن دلالته في لغة العرب.

الشرط الثالث: أن يتفق هذا المعنى وينسجم مع سياق الآية سباقاً ولحاقاً.

الشرط الرابع: أن لا يخرج هذا المعنى بالآية عن الشرع. فلا يأت بمعنى يحمل عليه الآية وهو من قبيل الفرضيات أو النظريات التي قد يتبين بطلانها بعد مدة، فصار كأنه ينسب الكذب إلى كتاب الله، فهذا معنى يخرج عن الشرع، أو يأت ويتكلم في تفسير الآية بكلام كأنه يجعل القرآن كتاب علوم جيلوجية أو فلكية أو فيزيائية، أو غيرها من العلوم التطبيقية، ونحو ذلك من الأمور التي يخرج في تفسيره العلمي عن الشرع.

الشرط الخامس: أن لا يأت بمعنى يؤيد أهل الباطل في باطلهم وبدعهم، أو ينشئ بدعة.

فإذا توفرت هذه الشروط قبل التفسير العلمي، وإلا رد.

أما (تفسير الأعداد) فهو بدعة قاديانية بدأت معهم بالرقم ١٩، ثم تسربت وتطورت على يد مدّعي النبوة: رشاد خليفة، وتسربت على أيدي بعض الناس، وتطورت بحساب الجمل، وصاروا يتحدثون عن الإعجاز العددي، بطريقة لا سلف لهم فيها، ومعلوم أن الخروج عن سنن السلف كاف في الحكم على هذه الطريقة بالبطلان.

كيف وفيها من التكلف، والتمحل في تقرير المعنى بما يثير الضحك أحياناً والدهشة أحياناً، ولا يكاد يسلم لأحد مهما تكلف صحة ما يبنيه من نتائج على أساس الحساب.

والملحوظ هنا أن استعمال الحساب في تفسير القرآن هو في الحقيقة ليس بتفسير، ولكنها طريقة مثل طريقة فتح المصحف التي ذمها العلماء، فهؤلاء لا يفسرون وأولئك مثلهم.


والله الهادي والموفق.

سؤال وجواب ١٨: هل كفّر العلماء القذافي وهل كان يجوز الخروج عليه؟


سؤال:
«أنا من ليبيا، وأتمنى الجواب على هذا السؤال -بعد إذن حضرتكم-، هل القذافي كفّره علماؤنا أم لا؟ وهل يجوز الخروج عليه أم لا إذا كفّره العلماء؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».


الجواب:

هو كما قلت، قد حكم أهل العلم بكفره عينًا؛ لأمور صدرت منه، مع قيام الحجة عليه!

فالخروج عليه يجوز بشرط أن: لا تراق الدماء، وتؤمن الفتنة على الناس. ولذلك كان المشايخ ينهون عن الخروج؛ لما يعلم من قوته وبطشه، وما سيحدث من أثر ذلك من إراقة للدماء، وفتنة للناس، وتسلط أهل الشر والفساد على الناس.

فلما حصل أمر الخروج، وحصلت المواجهة، ولم يعد هناك مجال للدعوة إلى الصبر، وتغير الحال، صار قول أهل العلم إلى دعم الذين خرجوا عليه، حتى لا يراق المزيد من الدم وتحفظ البلد لأهلها.

وهكذا الحال في سوريا مع النظام السوري، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وهذا أصل عظيم علمنا إياه الشرع. قال: ابن تيمية في (منهاج السنة النبوية) (٥٣١/٤): «ما أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الصَّبْرِ عَلَى جَوْرِ الْأَئِمَّةِ، وَتَرْكِ قِتَالِهِمْ وَالْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ، هُوَ أَصْلَحُ الْأُمُورِ لِلْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ، وَأَنَّ مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا أَوْ مُخْطِئًا لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ صَلَاحٌ بَلْ فَسَادٌ» اهـ.

وبعض الناس يتوهم أنه إذا كان الحاكم كافراً وجب الخروج عليه، والحقيقة هي أنه يجوز الخروج عليه بالشرط السابق الذي دلت عليه أحكام الشريعة.


والله أعلم.

شبهة والرد عليها ١٩: الخروج على الحاكم


قال:
«الذي يحكم بغير ما أنزل الله في حالة، أو حالتين، أو بعض المسائل، هذا كفر أصغر، هذا يكاد يكون إجماعا من أهل السنة، ولكن الذي يجعل دستورًا يتحاكم إليه الناس كما هو حاصل في أغلب البلاد الإسلامية، فهذا كفر أكبر كما قال محمد بن إبراهيم -رحمه الله- واختاره صالح آل الشيخ على ما أظن في شرح الأصول الثلاثة، وكتاب التوحيد».

ولرد هذه الشبهة أقول: 
سأجيب على فرض التسليم لك بصحة نسبة هذا القول إلى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- والشيخ صالح آل الشيخ -سلمه الله-، بالفهم الذي فهمته أنت؛ 

اعلم -هداك الله لقبول الحق والرجوع إليه- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يجوّز لنا الخروج على الحاكم إلا «إذا رأينا منه كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان» وهذه الجملة جاءت في حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- في الصحيح.

وتتضمن لجواز الخروج على الحاكم الأمور التالية:

الأول: «مالم تروا»، يعني يثبت لدينا بيقين كالرؤية بالعين.

الثاني: أن يكون ذلك جماعياً؛ لدلالة واو الجماعة.

الثالث: أن يكون ما صدر منه ورأيناه «كفراً» لا من باب الكبائر، والمعاصي.

الرابع: «بواحًا» أن يكون ظاهراً

الخامس: «عندكم فيه من الله برهان» يعني لا اختلاف فيه.

ولو نظرت إلى قوله -صلى الله عليه وسلم-: «عندكم فيه من الله برهان»، لعلمت أن معنى ذلك أن القضية التي اختلف في كونها كفراً لا يجوز أن يكفر بها الحاكم.

وهذه المسألة التي نسبتها إلى سماحة المفتي محمد بن إبراهيم -رحمه الله وأعلى درجته في عليين-، وحفيده فضيلة الشيخ صالح آل الشيخ تسمى مسألة (التكفير بالتشريع العام)، هي محل خلاف فقد سئل عنها سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز -رحمه الله- (كما في شريط الدمعة البازية) فلم يفرق بين مسألة الحكم بغير ما أنزل الله، و بين مسألة التشريع العام، وجعل حكمهما واحداً، وكذا الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-، وكذا الشيخ الألباني -رحمه الله-! ولذلك طاشت عقول بعض الناس فنبزوا المشايخ الثلاثة هؤلاء بـ (ثالوث الإرجاء)، عامل الله النابزين لهم بما يستحقون.

وعلى هذا الذي عليه ابن باز والألباني وابن عثيمين جماهير طلابهم.

ومعنى ذلك أن مسألة التكفير بالتشريع العام المخالف من أي جهة هو متأول، والتأول مانع من موانع التكفير، فالمسألة ليس فيها من الله برهان، فلا يجوز تكفير الحكام بها!

قلت لك: كلامي على التنزل بصحة فهمك لكلام سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ صالح آل الشيخ! وإلا فإن الذي أفهمه أن مناط التكفير ليس هو التشريع العام؛ لأن القضية الكفرية لا فرق فيها بين قليلها وكثيرها، فمن قتل نبياً عالمًا عامدًا غير مكره، كافر كمن قتل جملة من الأنبياء لا فرق بين قتله لنبي واحد، أو لقتله لجملة من الأنبياء، ومن دعس على المصحف برجله عالمًا عامداً غير مكره، كافر وكذا من داسه برجله وقفز عليه عدة مرات لا فرق بين فعله مرة أو مرات؛ لأن عمله هذا كفر فإذا ثبتت الشروط وانتفت الموانع، كفر لا فرق بين كثيره وقليله، وكذا في مسألة التشريع العام لا يظهر لي أن مناط القضية عند سماحة الشيخ هي المرة والمرتين أو التشريع العام، بل مناط القضية هي تحقق وجود كفر الإعراض والتولي الذي هو نوع مستقل من الكفر، ولذلك لو تأملت كلامه ظهر أنه يجعل هذا الموضوع هو مناط المسألة، وهو واضح، ففي الحال التي يتحقق فيه أنه كفر إعراض وتولي فهو كفر أكبر عند الشيخ، ولا ينازع في ذلك أحد بصفة عامة، لكن التنزيل على واقع التشريع العام فيه نظر.

ومن نظر في السياق الزماني لكلام سماحته ينتبه إلى أمر آخر وهو بداية ظهور القوانين الوضعية في البلاد الإسلامية، وشاهد ذلك كلام أحمد شاكر في القضية نفسها.


وهذا يجعل حمل كلامه بالفهم الذي ذكره صاحب الشبهة فيه نظر، والله أعلم.

كشكول ٤٣: أقم شرع الله على نفسك يقم لك على أرضك


إذا لم تقم بتطبيق الشرع على نفسك، ولم تلتزم بتعاليمه وآدابه، كيف تريد تجاهد وتدعو إلى إقامة الشرع؟!

ترى فاقد الشيء لا يعطيه!


أقم شرع الله على نفسك يقم لك على أرضك. أما أن تخالف الشرع وتخرج عليه بدعوى أنك تريد إقامة الشرع؛ فلا شرعًا أقمت، ولا دنيا حفظت، وتحملت إثم كل من مشى معاك على فكرك، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

شبهة والرد عليها ١٨: حكم السيسي المتغلب



شبهة:
«احسن الله اليكم فضيلة الشيخ الدكتور عندي شبهة يحتج بها الإخوان المسلمين في مصر على بطلان حكم السيسي المتغلب، فيحتجون بمثل هذه المقولات حتى يوهموا الناس ببطلان حكم السيسي حينما تمكن من البلد، فيقولون: «المتغلب لا تثبت له الإمامة إلا إن دخل عموم الناس تحت طاعته، وإلا فالخارج عليه لا يكون باغيا كالحسين مع يزيد». (حاشية الصاوي المالكي)

أقول:
كلام الصاوي ضد تصرفهم؛ لأن عموم الناس معه، وهم فقط الذين يخرجون عليه، وهم ليسوا عموم الناس وعامتهم، بل العامة معه. وأخشى أن حكم تصرفهم بالمظاهرات وما يفعلونه كل أسبوع أخشى أن يكون من باب الخروج عليه، فيكونوا بذلك من الخارجين عليه.

جاء في (مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى) (٣٢٣/١٨): «قَالَ أَحْمَدُ: وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى صَارَ خَلِيفَةً، وَسُمِّيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ يَبِيتُ وَلَا يَرَاهُ إمَامًا بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا انْتَهَى؛ لِأَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ خَرَجَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَتَلَهُ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الْبِلَادِ وَأَهْلِهَا حَتَّى بَايَعُوهُ طَوْعًا وَكَرْهًا وَدَعَوْهُ، وَلِمَا فِي الْخُرُوجِ عَلَى مَنْ ثَبَتَتْ إمَامَتُهُ بِالْقَهْرِ مِنْ شَقِّ عَصَى الْمُسْلِمِينَ وَإِرَاقَةِ دِمَائِهِمْ وَإِذْهَابِ أَمْوَالِهِمْ»  اهـ.

كشكول ٤٢: إنكار المنكر أربع درجات


قال ابن القيم: «فإنكار المنكر أربع درجات: 

الأولى: أن يزول، ويخلفه ضده. 

الثانية: أن يقل، وإن لم يزل بجملته.

الثالثة: أن يخلفه ما هو مثله.

الرابعة: أن يخلفه ما هو شر منه.


فالدرجتان الأوليان مشروعتان، والثالثة موضع اجتهاد، والرابعة محرمة» اهـ.

كشكول ٤١: ركبت زورقي وفتحت أشرعتي لتلطمها هبات الرياح


ركبت زورقي، وفتحت أشرعتي؛ لتلطمها هبات الرياح، وتنقلني إلى مكان حيث أرتاح من ضجيج الكون، ولا أسمع إلا همسي ونبض قلبي.

تعبت من كل شيء حولي.

أشعر أن جرحي قد نزف كل قطرات الدم التي في جسدي. 

لم أعد أهوى شيئا. 

لم أعد أحب شيئاً. 

ضاع طعم الأشياء، 

وذهب بهاء الألوان. 

أبحث عن مكان بعيد، أعيش فيه ما بقي مني.
أتلفع بعباءة أفكاري، وأتلثم بطرف عمامتي،
فلا يعرفني أحد.



حتى وأنا بعيد ووحيد...

كشكول ٤٠: المرأة تحب من الرجل حاءات ثلاثة، فإذا حصلت عليها منه؛ حرمته منها!


المرأة تحب من الرجل حاءات ثلاثة:
- الحب.
- الاحترام.
- الحنان.

فإذا حصلت عليها منه؛، حرمته منها؛ لأنها ترى أنه لا يستحق أي كلمة فيها حاء!!

علمني ديني ٢٥: أنه لو عرفت المرأة حق زوجها عليها، ما قدرت أن توفيه حقه!


علمني ديني:
أنه لو عرفت المرأة حق زوجها عليها ما قدرت أن توفيه حقه.
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: «أتى رجل بابنته إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «إن ابنتي هذه أبت أن تتزوج»، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أطيعي أباك». فقالت: «والذي بعثك بالحق، لا أتزوج حتى تخبرني ما حق الزوج على زوجته». قال: «حق الزوج على زوجته لو كانت به قرحة فلحستها، أو انتثر منخراه صديدًا أو دمًا ثم ابتلعته ما أدت حقه». قالت: «والذي بعثك بالحق، لا أتزوج أبدًا». فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا تنكحوهن إلا بإذنهن».». (رواه البزار بإسناد جيد رواته ثقات مشهورون، وابن حبان في صحيحه (صحيح الترغيب والترهيب)، (١٩٦/٢).).

شبهة والرد عليها ١٧: لا يجوز أن يخلع المسلم بيعة ولي أمره



شبهة:
«جاء في السيرة قصة أبي بصير، لما جاء مهاجراً فطلبت قريشاً من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يرده إليهم بالشرط الذي كان بينهم في صلح الحديبية؛ فانفلت منهم عندما قَتَلَ المشركَيْن اللذين أتيا طلبه، فرجع إلى الساحل لما سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ويل أمه مسعر حرب، لو معه غيره» (في قصة طويلة أخرجها البخاري في (كتاب الشروط)، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب، حديث رقم (٢٧٣٤).). فتعرض لغير قريش -إذا أقبلت من الشام– يأخذ ويقتل، فاستقل بحربهم دون رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنهم كانوا معهم في صلح الحديبية (القصة بطولها) فهل قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أخطأتم في قتال قريش؛ لأنكم لستم مع إمام؟ سبحان الله ما أعظم مضرة الجهل على أهله؟ عياذاً بالله من معارضة الحق بالجهل والباطل».

والجواب عن هذه الشبهة:
لم يكن أبو بصير تحت ولاية النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا في دار الإسلام، ولم يكن إمامًا، ولم تكن معه راية، بل كان يغير على المشركين ويقاتلهم ويغنم منهم واستقل بحربهم.
ولم يثن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عليه، ولم يسم عمله جهاداً، بل قال عن عمله أنه: «مسعر حرب». فهذا شيء، والجهاد شيء آخر.
ولم يأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أحداً من الصحابة أن يعينه.
ولا أرشد إلى الوقوف معه، بل سلمه لقريش. 
ولكنه لمّا لم يكن من أبواب الجهاد، لم يحصل هذا،
فهل يقاس المسلم وهو تحت ولاية حاكم شرعي بمن ليس تحت ولاية أي حاكم؟

ولا يجوز أن يخلع المسلم بيعة ولي أمره، بسبب أنه يريد أن يكون حاله كحال أبي بصير، فإن من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية. ولا ينفعه أن يقول: «أن جعلت أميري فلان من الجماعة وأبايعه»، فإن هذا تلاعب بالدين لا يصح!

شبهة والرد عليها ١٦: اشتراط الإمام في الجهاد


شبهة:
«كيف تشترطون إذن الإمام للجهاد، وقد قال بعض أهل العلم: «بأي كتاب، أم بأية حجة أن الجهاد لا يجب إلا مع إمام متبع؟! هذا من الفرية في الدين، والعدول عن سبيل المؤمنين، والأدلة على إبطال هذا القول أشهر من أن تذكر، من ذلك عموم الأمر بالجهاد، والترغيب فيه، والوعيد في تركه».» اهـ.

فالجواب: 
كلام هذا العالم عن حال جهاد الدفع الذي يفجأ فيه العدو بلداً من بلاد المسلمين، ولا يمكنهم الرجوع إلى الإمام، ويخشون كلبه، ففي هذه الحالة دفع العدو من باب دفع الصائل، فلا يشترط فيه شرط مما يشترط في جهاد الطلب والدعوة. 
أو يريد هذا العالم بكلامه الرد على من يشترط لوجوب الجهاد إذن الإمام العام، الذي تنضوي تحته جميع بلاد الإسلام، وعلى هذا فلا جهاد اليوم لأنه لا يوجد إمام عام لجميع المسلمين في الدنيا.
فهذا العالم يريد الرد على من يشترط إذن الإمام العام (الأعظم) للجهاد، لا أنه ينفي طلب إذن ولي الأمر في الأصل.
وعموماً فالحجة في الدليل وهو الحق، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل!
وهذه العبارة المنقولة جاءت في كلام الشيخ عبدالرحمن بن حسن، في رده على ابن نبهان، الذي يريد أن يسقط أحكام الجهاد وما يترتب عليه من البراءة من الكفار، لعدم وجود الإمام. فقد جاء في (الدرر السنية في الأجوبة النجدية) (١٦٧/٨)، أن ابن نبهان يقول: «أنه لا جهاد إلا مع إمام، فإذا لم يوجد إمام فلا جهاد، فيلزم على هذا أن ما يلزم بترك الجهاد من مخالفة دين الله وطاعته جائز، بجواز ترك الجهاد، فتكون الموالاة للمشركين» اهـ. فالشيخ يرد على كلامه، وأنه لا يشترط الإمام العام للجهاد، بل كل طائفة ممتنعة بولي أمرها وأميرها لها أن تجاهد.

وقد قرر الشيخ عبدالرحمن بن حسن -رحمه الله- (الدرر السنية في الأجوبة النجدية (٩٥/٩)، اشتراط الإمام في الجهاد، حيث قال: «ورأينا أمرًا يوجب الخلل على أهل الإسلام، ودخول التفرق في دولتهم، وهو: الاستبداد من دون إمامهم، بزعمهم أنه بنية الجهاد، ولم يعلموا أن حقيقة الجهاد ومصالحة العدو، وبذل الذمة للعامة، وإقامة الحدود، أنها مختصة بالإمام، ومتعلقة به، ولا لأحد من الرعية دخل في ذلك، إلا بولايته؛ وقد سئل -صلى الله عليه وسلم- عن الجهاد، فأخبر بشروطه بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «من أنفق الكريمة، وأطاع الإمام، وياسر الشريك، فهو المجاهد في سبيل الله». والذي يعقد له راية، ويمضي في أمر من دون إذن الإمام ونيابته، فلا هو من أهل الجهاد في سبيل الله» اهـ.

شبهة والرد عليها ١٥: حكم النفير العام


شبهة:
«قال ابن كثير: «أمر الله تعالى بالنفير العام مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام غزوة تبوك؛ لقتال أعداء الله من الروم الكفرة من أهل الكتاب»
وقد بوب البخاري؛ «باب وجوب النفير، وما يجب من الجهاد والنية»، وأورد هذه الآية، وكان النفير العام؛ بسبب أنه ترامى إلى أسماع المسلمين أن الروم يستعدون على تخوم الجزيرة لغزو المدينة، فكيف إذا دخل الكفار بلد المسلمين، أفلا يكون النفير أولى؟
قال أبو طلحة -رضي الله عنه- في معنى قوله تعالى: {خفافاً وثقالاً}: «كهولاً وشباباً ما سمع الله عذر أحد». وقال الحسن البصري: «في العسر واليسر». 
وقال الزهري: «خرج سعيد بن المسيب إلى الغزو وقد ذهبت إحدى عينيه، فقيل له: إنك عليل! فقال: «استنفر الله الخفيف والثقيل، فإن لم يمكني الحرب، كثرت السواد وحفظت المتاع».».

وللرد على هذه الشبهة:
هذه الآية تبين حكم النفير العام، يعني إذا استنفر الإمام الناس، وليست عامة في كل حال؛ لأن عمومها في كل حال يخالف قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى المَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا للهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. (التوبة:  ٩١). وهذا المعنى العام فيها منسوخ، فقد ذكر ابن الجوزي في (زاد المسير في علم التفسير) (٢٦٣/٢): «قال السّدّيّ: «نسخت بقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى}» اهـ.

وقوله: «فكيف إذا دخل الكفار بلد المسلمين، أفلا يكون النفير أولى؟»
أقول: هذا إذا استنفر الإمام، أمّا إذا لم يستنفر فلا يلزم، بل الواجب عدم الخروج عن السمع والطاعة له، والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولذلك أورد البخاري تحت الترجمة المشار إليها «باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية»، حديث تحت رقم (٢٦١٣) عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ: «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا».

قال في (فتح الباري) لابن حجر (٤٣٢/٨): «وَإِذَا أَمَرَكُمْ الْإِمَام بِالْخُرُوجِ إِلَى الْجِهَاد وَنَحْوه مِنْ الْأَعْمَال الصَّالِحَة فَاخْرُجُوا إِلَيْهِ» اهـ.

شبهة والرد عليها ١٤: لم يقل أحد من العلماء أن قتال الكفار لا يشترط له التكافؤ في العدد والعدة


قال: «جاء في الدرر السنيّة: جهاد الكفّار لا يشترط فيه تكافؤ العدد والعدّة، بل إذا قام المسلمون بما أمرهم الله به من جهاد عدوهم، بحسب استطاعتهم، فليتوكلوا على الله، ولا ينظروا إلى قوتهم وأسبابهم، ولا يركنوا إليها؛ فإن ذلك من الشرك الخفي، ومن أسباب إدالة العدو على المسلمين، ووهنهم عن لقاء العدو؛ لأن الله تبارك وتعالى أمر بفعل السبب، وأن لا يتوكل إلا على الله وحده.
وأيضا: لا تغترّوا بأهل الكفر وما أعطوه من القوّة والعدّة، فإنكم لا تقاتلون إلاّ بأعمالكم، فإن أصلحتموها وصلحت، وعلم الله منكم الصدق في معاملته، وإخلاص النية له، أعانكم عليهم، وأذلّهم، فإنهم عبيده ونواصيهم بيده، وهو الفعّال لما يريد» (الدرر) اهـ.

وللرد على هذه الشبهة أقول: 
لم يقل أحد من العلماء أن قتال الكفار لا يشترط له التكافؤ في العدد والعدة، إلا في جهاد الدفع في الحال الذي يدهم فيه العدو بلدهم ولا يملكون إلا دفعه حتى لا يتمكن منها، فإن لم يقدروا جاز لهم الصلح معه.
والدليل على اشتراط التكافؤ في العدد والعدة قول الله تبارك وتعالى: {الآَنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}. (الأنفال:  ٦٦).

ومن أحكام هذه الآية جواز التولي من الزحف إذا كان عدد الكفار أكثر من ضعف عدد المسلمين.

ولما ينزل المسيح ابن مريم -صلى الله عليه وسلم- ويقتل الدجال، «فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللهُ إِلَى عِيسَى: إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي، لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ وَيَبْعَثُ اللهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ». ((صحيح مسلم)، حديث رقم: (٢٩٣٧)).

ومعلوم أن عيسى -عليه الصلاة والسلام- سيحكم بشريعة محمد -صلى الله عليه وسلم-، ومعلوم أن يأجوج ومأجوج خروجهم على أهل الشام والمسلمين هو مداهمة عدو كافر للمسلمين، والله لم يأمر بمواجهتهم، مع أنه جهاد دفع؛ لأنه لا يدان لأحد بقتالهم، أي لا قدرة و لا طاقة، وهل يشك في إيمان عيسى نبي الله -صلى الله عليه وسلم- ومن معه من المؤمنين؟

والقاعدة الشرعية: (القدرة مناط التكليف) تؤكد هذا المعنى، والله الموفق.


ملحوظة: هذا العبارة المنقولة عن الدرر السنية وهي: «جهاد الكفّار لا يشترط فيه تكافؤ العدد والعدّة». لا توجد في الدرر، ولم يقل العلماء ذلك، والله الموفق.

كشكول ٣٩: مفتي الجنوب: العلامة أحمد بن يحي النجمي -رحمه الله-


مفتي الجنوب، العلامة: أحمد بن يحي النجمي -رحمه الله-

شيخي بالإجازة. جبل أشم، عالي الذرا، راسخ في السنة، متواضع جم التواضع، مقبل في حياته على شأنه...

إذا سألته سمعت جوابه واضحاً بيناً، لا غموض ولا عوج.

من كتبه التي أنصح بقراءتها:
- كتابه (المورد العذب الزلال فيما انتقد على بعض المناهج الدعوية من العقائد والأعمال). تراه يتكلم بقلم العالم الخبير، والناقد البصير، والمسلم الرحيم بإخوانه. يدعوهم إلى الجماعة والسنة، ونبذ الفرقة والبدعة، مع معرفة بالواقع والمناهج الحادثة؛ فجزاه الله خيراً عن الإسلام والمسلمين.

كشكول ٣٨: لا يستهينن أحد بقضية هجر أهل البدع



لا يستهينن أحد بقضية هجر أهل البدع؛

- فلا يجلس إليهم.

- ولا يستمع لدروسهم.

- ولا لكلامهم.

- ولا يقرأ في كتبهم.

- ولا يصاحبهم؛ فيكثر سوادهم.


؛ فإن القلوب ضعيفة والشبه خطافة.

شبهة والرد عليها ١٣: الأصل أن الجهاد لا يكون إلا من وراء إمام



شبهة:
«لا يشترط إذن الإمام في جهاد الدفع؟»

والرد على هذه الشبهة:
الأصل أن الجهاد لا يكون إلا من وراء إمام، حتى في جهاد الدفع؛ إلا إذا فاجأ العدو أهل البلد؛ فتعذر عليهم الرجوع إليه لدفع العدو، أمّا إذا لم يتعذر فالأصل الرجوع إلى الإمام، والجهاد معه، والقتال من ورائه، كما فعل المسلمون لمّا حاربهم المشركون في معركة الخندق.
قال عبدالله بن الإمام أحمد: «سمعتُ أبي يقول: «إذا أذن الإمامُ، القومُ يأتيهم النفير، فلا بأس أن يخرجوا».
قلتُ لأبي: فإن خرجوا بغير إذن الإمام؟ قال: «لا، إلا أن يأذن الإمام، إلا أن يكون يفاجئهم أمرٌ مِن العدو ولا يُمكِنُهم أن يستأذنوا الإمام فأرجو أن يكون ذلك دفعاً مِن المسلمين».». (مسائل عبدالله لأبيه (٢/٢٥٨).).
قال ابن قدامه (ت٦٢٠هـ) -رحمه الله-: "لأن أمر الحرب موكول إليه، وهو أعلم بكثرة العدو وقلتهم، ومكامن العدو وكيدهم، فينبغي أن يُرجع إلى رأيه؛ لأنه أحوط للمسلمين، إلا أن يتعذر استئذانه لمفاجأة عدوهم لهم، فلا يجب استئذانه؛ لأن المصلحة تتعين في قتالهم، والخروج إليهم؛ لتعين الفساد في تركهم، لذلك لما أغار الكفار على لقاح النبي -صلى الله عليه وسلم- فصادفهم سلمة بن الأموع خارجاً من المدينة، تبعهم فقاتلهم من غير إذن، فمدحه النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: «خير رجالنا سلمة بن الأكوع». وأعطاه سهم فارس وراجل» اهـ. ((المغني) (٩/٢١٣).).

وقال الشيخ عبدالرحمن بن حسن -رحمه الله- (الدرر السنية في الأجوبة النجدية (٩٥/٩): «ورأينا أمرًا يوجب الخلل على أهل الإسلام، ودخول التفرق في دولتهم، وهو الاستبداد من دون إمامهم، بزعمهم أنه بنية الجهاد، ولم يعلموا أن حقيقة الجهاد ومصالحة العدو، وبذل الذمة للعامة، وإقامة الحدود، أنها مختصة بالإمام، ومتعلقة به، ولا لأحد من الرعية دخل في ذلك، إلا بولايته؛ وقد سئل -صلى الله عليه وسلم- عن الجهاد، فأخبر بشروطه بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «من أنفق الكريمة، وأطاع الإمام، وياسر الشريك، فهو المجاهد في سبيل الله». والذي يعقد له راية، ويمضي في أمر من دون إذن الإمام ونيابته، فلا هو من أهل الجهاد في سبيل الله» اهـ.

سؤال وجواب ١٧: هل فسر الرسول و الصحابة القرآن؟


سؤال:
«هل فسر الرسول والصحابة القرآن؟»

الجواب: 

لم يمت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا وقد فسر جميع القرآن الكريم للصحابة، ولكن تفسيره -صلى الله عليه وسلم- على أنحاء؛

- فتارة يفسره باللفظ، كما ورد عنه في تفسير (المغضوب عليهم) باليهود (والضالين) بالنصارى.

- وتارة يفسر ببيان المعنى، فينفي الإشكال، ويرفع اللبس، كما جاء في قوله تبارك وتعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}. (الأنعام: ٨٢).

- وتارة يفسر ببيان الموضوع، فما ورد في السنة في أحكام الصلاة هو تفسير لإقامة الصلاة، وما ورد في السنة في أحكام الزكاة هو تفسير لإيتاء الزكاة، وما ورد في السنة في حد السرقة، وفي حد الزنى، هو تفسير لآية السرقة، وآية الزنى.

- وتارة يفسره بتخلّقه به -صلى الله عليه وسلم- فقد كان خلقه القرآن.

قال الله تبارك وتعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}. (النحل: ٤٤).

والصحابة تلقوا هذه المعاني، وبنوا عليها تفسيرهم، فكان تفسيرهم للقرآن يحمل في طياته المعنى الذي فهموه من الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولا غَرْو فقد شاهدوا نزول القرآن، وعاصروا تنزيل الوحي وملابساته، وما احتف به من أمور تعين على فهمه؛ فكان تفسيرهم عند أهل الحديث في حكم المرفوع.

كشكول ٣٧: خطورة تفسير القرآن العظيم بمعاني تخرج عن ما جاء عن الصحابة والتابعين


كشكول ٣٦: حديث نبوي في احتساب النية:



كشكول ٣٥: قولهم القرآن دستورنا


«القرآن دستورنا»:
كلام فارغ إذا كنت تتقيد في فهمه بما يقرره مرشد الجماعة، لا بما جاء عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والصحابة.

كشكول ٣٤: العقلانيون يخالفون ما كان عليه السلف الصالح


العقلانيون يقولون: «نتمسك بالقرآن والسنة، ونفهمهما بمقضتى اللغة والعقل».

فهم يخالفون ما كان عليه السلف الصالح، من تقييد فهم الكتاب والسنة بما جاء عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه. فلا يخرجون في فهمهم للقرآن والسنة عن ذلك الذي هو سبيل المؤمنينو وطريق النجاة من التفرق والاختلاف.

فليس كل ما ساغ لغة، ساغ تفسيرًا.
وللعقل طور لا يعدوه، كما أن للبصر حداً لا يعدوه.

ونعم وزير العلم العقل.
فهو وزير مساعد، لا أصل يعتمد ويترك ما خالفه!

سؤال وجواب ١٦: ما حكم الخروج إلى سوريا والعراق للجهاد في هذا الوقت؟


سؤال:
«ما حكم الخروج إلى سوريا والعراق للجهاد في هذا الوقت؟»


الجواب:

لا يجوز الخروج الى تلك البلاد وغيرها بداعي الجهاد في هذا الوقت؛ وذلك للأمور التالية: 

- لأن الأصل عند أهل السنة والجماعة أن لا جهاد إلا من وراء إمام، وهذا نصت عليه جميع متون العقيدة. ومعنى ذلك أننا لا نخرج إلى القتال إلا بإذن ولي الأمر، فإذا لم يأذن حرم علينا الخروج، فإن كان منع الإمام لنا من الخروج حق وصواب فإن الأجر لنا وله، فإن كان منع الخروج خطأ فلنا وعليه. والرسول يقول فيما أخرجه مسلم في صحيحه: «الإمام جنة يتقى به يقاتل من ورائه» 

- ولأن الراية في ذلك القتال وأشباهه راية عمية، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من قاتل تحت راية عمية فقتل، مات ميتة جاهلية».

- ولأن الجهاد الشرعي له ضوابطه إذ عمل شرعي، وكل عمل شرعي لابد فيه من الإخلاص والمتابعة، ومما أمر الله به في الجهاد: إعداد العدة، لقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ...} الآية (الأنفال: ٦٠)، والذين يريدون الخروج عملهم مخالف للشرع، من جهة أنه خروج بغير إذن الإمام، ومن جهة أنه خروج للقتال تحت راية عمية، ومن جهة أنه خروج على غير الصفة الشرعية؛ لأنه بغير إعداد عدة. 

- ولأنه ثبت قطعياً عمل الاستخبارات العالمية والإقليمية على جذب الشباب إلى تلك المناطق؛ بغرض قتلهم، أو المساومة عليهم، والضغط على بلدانهم بهم، فهذا عمل ينبغي مواجهته ومكافحته لا التسليم له. وما نبأ العراق عنا ببعيد! 

- ولأن هذا القتال ليس من باب قتال الدفع أصلاً، والقضية أن بعض الناس في تلك البلاد اختار طريق المواجهة مع الحكام هناك... فليس من أبواب جهاد الدفع اصلاً. 

هذا ما لزم في هذه العجالة، سائلاً الله الهدى والرشاد للجميع.


كتبه: محمد بن عمر بازمول.