السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأربعاء، 24 يونيو 2015

كشكول ٩٩٨: كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ



{كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ}.

بعض الناس يهديه اجتهاده إلى أن يتقصد بدعوته الأمراء والأغنياء، لما يرجوه من أثرهم في خدمة الدّين؛
إذ لهؤلاء أتباع، ولهم أموال!
وهذا خلاف التوجيه الإلهي للرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ فالدين لا يحتاج أن يتكلف الداعية أكثر من تبلغيه، لكل من يريده، لا يذهب به إلى الأغنياء أو الأمرء، أو الرؤساء، أو الكبراء.
قال -تبارك وتعالى-: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}. (الكهف: 28).
وعاتب الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- لما اجتهد في دعوة كبراء قريش، وعبس وتولى!
قال الله -تبارك وتعالى-: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10) كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ}. (عبس: 1-16).

كشكول ٩٩٧: لست عليهم بمسيطر



لست عليهم بمسيطر.

بعض الناس يريد أنه إذا أمر بمعروف ونهى عن منكر، أن يمتثل الناس ذلك ويأخذوا به، وإلا فإنه يصفهم بأبشع الأوصاف وينالهم بأقذع الكلام.
والحق الذي ينبغي الانتباه إليه:
أن الداعية وظيفته إبلاغ الناس الحق، وأمرهم بالمعروف والنهي عن المنكر! أما قضية امتثالهم وعدم امتثالهم فهذه ليست إليه، ولا هي من شأنه!
وله قدوة في سيدنا محمد؛ فإن الله لم يجعل من دوره ولا من عمله غير البلاغ والتذكير.
{نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ}. (ق: 45)، {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ* لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ}. (الغاشية:21 - 22). {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}. (البقرة: 272).
أمّا أن يسوغ من ينتسب إلى الدعوة لنفسه الكلام في الناس، أو في الأمراء أو المسؤولين بدعوى أنه نصحهم وأمرهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر فلم يمتثلوا ولم يغيروا؛ فهذا ليس من منهج الدعوة الذي علمنا إياه ربنا -سبحانه وتعالى-، وسار عليه نبينا -صلى الله عليه وسلم-.
ولذلك جاء عن عِيَاض بْن غَنْمٍ: قال رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ بِأَمْرٍ، فَلَا يُبْدِ لَهُ عَلَانِيَةً، وَلَكِنْ لِيَأْخُذْ بِيَدِهِ، فَيَخْلُوَ بِهِ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ، وَإِلَّا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ لَهُ». (أخرجه أحمد في المسند (الميمنية 3/ 403 - 404)، (الرسالة 24/ 48، تحت رقم: 15333)، ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 154 تحت رقم: 876)، وفي كتاب السنة (مع ظلال الجنة 2/ 273، تحت رقم: 1098)، والطبراني في المعجم الكبير (17/ 367، رقم: 1007)، ومسند الشاميين (2/ 99)، والحاكم في المستدرك (علووش 3/ 338، رقم: 5320) وقال: «صحيح الإسناد»، وأبونعيم في معرفة الصحابة (15/ 286 الشاملة)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 32). والحديث قال في مجمع الزوائد (5/ 229): «قلت في الصحيح طرف منه من حديث هشام فقط - رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أني لم أجد لشريح من عياض وهشام سماعًا وإن كان تابعيًا»اهـ، وأورده (5/ 230) من طريق جبير بن نفير عن عياض بن غنم، وقال: «ورجاله ثقات وإسناده متصل»اهـ، وقال محققو المسند: «صحيح لغيره دون قوله: من أراد أن يَنْصَحَ لسلطان بأمرِ .. فحسن لغيره»اهـ، وصححه الألباني في ظلال الجنة (2/ 273 - 274).
والشاهد قوله: «وَإِلَّا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ لَهُ».
وبالله التوفيق.

كشكول ٩٩٦: صفات للرجل لا تنبغي للمرأة



صفات للرجل لا تنبغي للمرأة.
- الذلة والضعف في الكلام، فقد وصف الله المؤمنين بقوله -تبارك وتعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ...}. (الفتح: 29).
وبقوله -تبارك وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ...}. (المائدة: 54).
أما المرأة فلا ينبغي أن تتصف بهذه الصفة إلا مع زوجها أو بنات جنسها، أمّا خطابها وتعاملها مع الأجانب فيكون كما قال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا}. (الأحزاب: 32). 
- والشجاعة ممدوحة في الرجل، غير ممدوحة في المرأة؛ لأنها ضعيفة، فإذا تشجعت أوشكت أن تقع في المكروه.
[والشّجاعة: شدّة القلب في البأس.
ويقال: رجل شجاع وشجاع، وشجاع وأشجع، من قوم شجاع وشجعان، وشجعان. والمرأة شجاعة وشجعة وشجيعة وشجعاء.
وقيل: لا توصف به المرأة].
أقول: لا توصف به بالمعنى الذي ذكرته، والله الموفق.
- الطيب والبخور، يمدح في الرجل في كل حين، ولا يمدح في المرأة إذا خرجت من بيتها، ولو إلى المسجد، وذلك لما ورد في الحديث: «إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا».
- البخل مما يذم في الرجل، ويوقع في الإثم إذا كان بتقصير في حق واجب عليه، والمرأة تمدح في حفظ مال زوجها، وتشددها في صرفه؛ فهي أحفظ لذات الزوج وماله.
- النخوة والشهامة، تمدح في الرجل، أمّا المرأة:
فإن فعلت هذا مع بنات جنسها فيقيد بما لا يضر بوليها وأهلها،
وأما أن تفعله مع الأجانب فهذا يوشك أن يوقعها فيما لا تحمد عليه.

والمقصود:
أن ليس كل ما يمدح به الرجل تمدح به المرأة، أو يحسن أن تتصف به المرأة، والله أعلم.

سؤال وجواب ٢٣٠: ما ضابط السنن المهجورة؟



سؤال:
«ما ضابط السنن المهجورة؟ هل كل حديث ورد، لا نجد الناس يعملون فيه نعده من السنن المهجورة؟».

الجواب:
السنن المهجورة هي ما ثبت أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يفعله على جهة التعبد، وتركها الناس.
- فما لم يثبت سنده، ليس بسنة.
- وما ثبت سنده وهجر السلف العمل به، ليس بسنة.
- وما ثبت سنده ولم يعمله الرسول -صلى الله عليه وسلم- على وجه التعبد والتقرب لله، فليس بسنة.
- وما ثبت أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فعله على جهة التعبد ولم يتركه الناس، ليس بسنة مهجورة.
فليس كل ما صح عن الرسول يكون سنة مهجورة، حتى يكون فعله على جهة التعبد ثابتاً.
وبعض الناس عندهم غلو في هذا الباب كلما وجد حديثاً صحيحاً في شيء، ولم يره معروفاً عند الناس راح يعده من السنن المهجورة، فلا يفرق بين ما صدر من الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأصل الجبلة البشرية، لا يقصد به التعبد، ولا بين ما ترك السلف العمل به، بل قد تجده لا ينتبه إلى أن هذا الحديث قد يكون من باب المنسوخ، أو المتشابه، أو المخصص، أو غير ذلك من المعاني!
ولذلك أؤكد أن لا يتسرع المسلم إلى الجزم بمجرد صحة الحديث إلى إدعاء أن هذا الحديث من السنن المهجورة. والله الموفق.

وهذا رابط منشور آخر لي يتعلق بنفس الموضوع يستفاد منه في استكمال أطرافه. في مدونتي:

كشكول ٩٩٥: رسالة تدبر القرآن



رسالة تدبر القرآن.
محاضرة ألقيتها عبر الهاتف لأخوة في الجزائر
رابطها: